حقيقة مُرَّة ... ترحيل الوافدين يضرب رفاه المواطنين
محمد رمضان
تصدر موضوع التركيبة السكانية مؤخرا وسائل الاعلام والصحف والتواصل الاجتماعي والدواوين إلخ. حيث كان التصنيف السائد هو ان السكان في الكويت ينقسمون الى 70 %غير مواطنين او وافدين يجب تقليلهم، و30 %مواطنين يجب ان يحلوا محلهم. لذلك لابد من وصف دقيق للتركيبة السكانية في الكويت قبل الدخول في بقية التفاصيل:
ــ 1.340 مليون مواطن: ينقسم من يعمل منهم وهم 372 ألفا الى 83.4 % بالحكومة والباقي في القطاع الخاص. ويصعب السيطرة عليهم في العمل كما يصعب جدا فصلهم منه بالقطاع الحكومي. وأحيانا تكون هناك صعوبة في فصلهم بالقطاع الخاص ايضا.
ــ 616 ألفا عمالة منزلية: بمعدل من 4 الى 6 خدم لكل 10 كويتيين حسب المحافظة وسهل جدا على الكفيل إنهاء خدماتهم او ترحيلهم من البلد.
ــ 110 الاف {بدون}: سهل انهاء خدماتهم من العمل لو أراد ذلك صاحب العمل لكن يصعب ترحيلهم من البلد.
ــ 50 ألفا تقريبا من ابناء الكويتيات: سهل إنهاء خدماتهم من العمل لكن يصعب ترحيلهم من البلد.
ــ 2.317 مليون بقية غير الكويتيين أو الوافدين: سهل على صاحب العمل لو أراد إنهاء خدماتهم وترحيلهم من البلد كذلك.
ــ توظف الحكومة 129 ألفا من غير الكويتيين، منهم أكثر من 34 ألفا في وزارة الصحة و30 ألفا في وزارة التربية و17 ألفا في وزارة الدفاع.
ــ يوظف القطاع الخاص 1.4 مليون غير كويتي تقريبا.
لا جديد في خلل التركيبة السكانية
مشكلة التركيبة السكانية قديمة في الكويت، وقد ذكر في محاضر لجنة وضع الدستور بتاريخ 1962/10/22، حيث قال وزير العدل آنذاك حمود الزيد الخالد: «نحن وضعنا ليس طبيعيا وليس هناك بلد في العالم الأجانب فيه أكثر من سكانه بأضعاف كما عندنا».
تعتبر حاليا نسبة الكويتيين الـ30.21% في التركيبة السكانية هي الأقل من بعد الغزو، حيث كانت النسبة قبل الغزو مباشرة %26.9 سنة 1990 ثم ارتفعت الى 40% سنة 1993 وظلت أقل من 40 %حتى اليوم. وكانت أعلى نسبة للكويتيين في إحصاء رسمي ظهرت سنة 1957 وهي 55% ثم انخفضت الى أقل من 40 % باستثناء سنة 1993 بعد التحرير فقط.
وفي حال نظرنا الى قطر أو الإمارات لوجدنا أن نسبة المواطنين هناك أقل من 15%، ولوجدنا أيضا أن الوافدين يعتبرون احدى دعائم النمو الاقتصادي المميز في هاتين الدولتين الخليجيتين.
الوافدون هم أحد أسباب رفاه الكويتيين
الغريب في المواطنين عندنا أنهم في موضوع الوافدين تحديدا يطلبون من يقلل مستوى الرفاه عندهم ويسبب رفع الأسعار عليهم، وكأنهم لا يدركون تبعات ترحيل العمالة الوافدة. فالحكومة يمكنها كصاحب عمل ان ترحل ما يقارب 129 ألفاً فقط من غير الكويتيين فقط، ولو كان المواطن واقعياً لأدرك أن عمله الحكومي السهل سيصبح أصعب بمراحل لو استطاع أو أراد ان يقوم بالأعمال التي يقوم بها الوافد. اما في القطاع الخاص فلن يربح التاجر أو لن يستمتع المواطن بخدمات رخيصة مثل سندويشة الفلافل بــ100 فلس وغيرها إذا كان هناك ضغط لتقليل أعداد الوافدين وإحلال المواطنين مكانهم او حتى فرض رسوم على تحويلاتهم المالية. والأغرب في هذا كله أننا لم نسمع او نقرأ ان المواطنين ضحوا بمستوى الراحة في بيوتهم وبدأوا بتقليل العمالة المنزلية للمساهمة في إصلاح التركيبة السكانية التي تشكل فيها العمالة المنزلية 46 %من المواطنين و20% من اجمالي غير الكويتيين في البلد.
إلى ذلك، لا تفسير منطقيا لما سبق إلا ان المواطنين يلقون باللوم على الوافدين بدل الحكومة التي أخفقت في بناء المستشفيات والطرق والمدن السكنية والمرافق لتخفيف حدة المزاحمة بين الكويتيين وغير الكويتيين على الخدمات.
حتى العمالة السائبة وعلى الرغم من وجود مخاطر أمنية منها إلا أنها تعتبر عمالة رخيصة جداً، وتسهم في النمو الاقتصادي كما هي حال المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة وغيرها من الدول. أي أن لهم فوائد اقتصادية بالرغم من وجود مخاطر أمنية.
كيف يمكن تشجيع المواطنين للعمل بدل الوافدين؟
قبل الدخول في تفاصيل تشجيع المواطنين على العمل محل غير الكويتيين، لا بد من مراعاة أن الوافدين في الكويت لا يستطيعون تملك العقارات بشكل عملي او الحصول على إقامة دائمة، لذلك لا نتوقع أن ينفقوا بشكل كبير داخل الكويت. كذلك فإن الوافدين ليسوا أصحاب عمل لكي نفرض عليهم ضرائب، فهم يأتون للعمل عندنا لأننا بحاجة لاستيراد ساعات عمل لا نستطيع أو لا نريد القيام بها تماما مثلما نستورد السلع من الخارج. ولأن أغلب الوافدين لا يستطيعون جلب عائلاتهم للعيش معهم في الكويت، فليس من المنطق أبداً أن نفرض رسوماً على تحويلاتهم الخارجية. لذلك تكون الحلول الصعبة التالية هي الوسيلة لتقليل أعداد الوافدين:
1 ـ القطاع الخاص: بعد تحديد المهن التي يمكن للمواطن ان يقوم بها بدل الوافدين، يتم فرض رسوم تصاعدية على أصحاب العمل عن كل وافد يتم تعيينه في هذه الوظائف. مثلاً:
● عند تعيين وافد واحد لا تفرض أي رسوم.
● عند تعيين وافد ثانٍ يفرض مبلغ 600 دينار سنوياً للدولة.
● عند تعيين وافد ثالث يًفرض مبلغ 1400 دينار سنوياً للدولة.
● وهكذا الى أن يصبح الفرق بين تكلفة الوافد والمواطن معدوما او لمصلحة المواطن.
● يتم استغلال المبالغ المحصلة في تدريب وإعادة تأهيل المواطنين.
2 ــ العمالة المنزلية: لا يمكن منطقيا أن تُستبدل بالعمالة المنزلية عمالة وطنية، لكن يمكن تقليل العمالة المنزلية لأن وجودها على الأغلب من مسببات الكسل وارتفاع نسبة مرض السكر في الكويت. ووجودها ايضا هو أحد اسباب كبر حجم المنازل عندنا وزيادة الابناء وارتفاع استهلاك الطاقة المدعومة. لذلك يمكن ان تفرض الدولة رسوما تصاعدية عالية شهرياً على المواطنين تحد من استقدام الخدم ولا تسبب اي ارتفاع لأسعار السلع كما هي حال الضرائب والرسوم على العاملين في القطاع الخاص.
3 ــ القطاع الحكومي: لا يمكن فعليا تقليل عدد الوافدين في القطاع الحكومي إلا إذا تم فصل توزيع الثروة عن الوظيفة الحكومية. اي يحصل المواطن الكويتي على علاوة اجتماعية حسب مؤهله العلمي بغض النظر عما اذا كان يعمل أم لا (عطوهم فلوس وهم في البيت). ويمكن حينها فصل الموظفين المواطنين من دون صعوبة إذا لم يؤدوا العمل بالشكل المطلوب. ويكون الراتب الحكومي متساوياً للوافد وللمواطن لأن المواطن يحصل على العلاوة الاجتماعية العالية كنصيب له من توزيع الثروة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا رأيك