الكويت | القبس | «تفنيش» الوافدين قضية خلافية
اختلفت آراء الخبراء والاقتصاديين حول تطبيق سياسة إحلال الوظائف وتكويتها في القطاعين الحكومي والخاص، منهم من أيّدها بالمطلق دون الأخذ في الحسبان معايير الكفاءة والإبداع، والبعض دعا الى ضرورة وجود آلية عملانية لتنفيذها، خصوصا في الوظائف والمهن التي تتطلب خبرات متراكمة، مؤكدين في الوقت نفسه أولوية توظيف وترقية المواطنين وصقلهم بالخبرات والدورات اللازمة لتمهيد الطريق أمام جيل واعد من الشباب الكويتي وتمكينه من تولي زمام المسؤولية لقيادة المؤسسات وتطويرها بما يتواكب مع المستجدات العالمية.
أما البعض الآخر فقد عاب على طرق وأساليب بعض النواب في التعاطي مع موضوع شديد الحساسية، وله أبعاد اقتصادية متعددة الأشكال، مطالبين بعدم إقحام مثل هذه القضايا في سباقات التكسب للحصول على شعبية أكثر وإثارة الرأي العام، لكن أصحاب هذا الرأي لم يبرّئوا الحكومة من تقصيرها تجاه هذا الملف طيلة السنوات الماضية، مع غياب دراسات وخطط تشخّص مشكلة تزايد العمالة الوافدة وتطرح حلولا علمية وواقعية قابلة للتنفيذ.
وإذا كان تطبيق سياسة الإحلال في القطاع الحكومي بالأمر اليسير والسريع، فقد يختلف عنه في القطاع الخاص، حيث الإنتاجية تتكلم وتُحدد كفاءة الموظف ومستوى راتبه وترقيته واستمراريته، وكل تلك العوامل يجب مراعاتها عند الشروع في «تكويت» الوظائف بهدف الحفاظ على مستوى الخدمات والمنتجات في السوق.
إلى ذلك، ثمة من يعتقد أن الإحلال بنسبة %100 يكاد يكون بالأمر المستحيل في ظل تركيبة المجتمع الكويتي الذي اعتاد على الرفاه، فاستقدام العمالة الأجنبية يدعم استمرار الرفاه والتقدم في العديد من دول العالم الأكثر تقدماً، مثل سويسرا والدول الاسكندنافية، لكن هذا الرأي لا يعفي المسؤولين من إيجاد خطط تضمن خلق وظائف للشباب والخريجين الجدد وضبط معدل البطالة.
وفيما يلي تفاصيل التحقيق:
الفرحان: الإحلال على حساب الكفاءة عواقبه وخيمة
قال نائب رئيس مجلس إدارة شركة إنجازات للتنمية العقارية محمد الفرحان إن هناك قواعد للإحلال لا بد من اتباعها، أولاها ألا يكون عشوائيا وسريعا، وأن يُبنى على الكفاءة، مؤكدا قدرة القطاع الخاص على خلق فرص للشباب الكويتيين، «وبالفعل نجح في استقطاب شريحة كبيرة من الشباب المتميزين».
والقى الفرحان باللوم على إدارة النظام الحكومي التي شجعت الشباب للحصول على وظائف حكومية سهلة وبرواتب مرتفعة، الامر الذي قلل من شهية التوجه الى القطاع الخاص. وتابع «لا بد من وقف التسيب والواسطة والبيروقراطية، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب قبل تطبيق سياسة الإحلال. واذا لم تُعالج تلك التجاوزات، فانه من الصعب اعطاء فرصة حقيقية للشباب للدخول الى السوق والابداع في العمل».
وأضاف: اذا لم تكن هناك ادارة حكومية جيدة، فلن يجري الإحلال، واذا جرى تطبيقه من دون كفاءات، فستكون العواقب وخيمة على الاقتصاد الوطني.
وبيّن ان هناك العديد من القطاعات التي استطاعت استقطاب الشباب الوطني وحققت نسب إحلال جيدة خلال السنوات الماضية، منها قطاع البنوك والاستثمار وشركات التطوير العقاري والبترول.
الزاحم: نتائجه ستظهر بسرعة
أكد الرئيس التنفيذي لشركة بترا لتصنيع المنتجات الغذائية عثمان الزاحم انه من اكبر المؤيدين لاعتماد وتطبيق سياسة احلال المواطنين مكان الوافدين، وكلما تمت بشكل أسرع فإن نتائجها ستظهر بشكل أفضل.
واوضح الزاحم ان معظم المواطنين باتوا يتمتعون بمختلف درجات التعليم، حيث ان الحكومة تكفلت بإرسالهم عبر بعثات خارجية بالاضافة الى تلقي البعض منهم لتعليمهم من خلال مؤسسات التعليم الحكومية، الامر الذي عزز من مؤهلاتهم واعطاهم الميزات المطلوبة، وبالتالي فإن عدم استغلال الحكومة لهذه الطاقات سيكون بمنزلة حال المزارع الذي يزرع ولا يقطف ثمار اشجاره.
لذلك اذا لم تُعطى هذه الكوادر الفرصة الآن فسيظل الحال على ما هو عليه، وبالتالي كلما جرى تبني القضية بشكل اسرع فإن حصاد النتائج سيكون ايجابيا.
وذكر الزاحم «انه من خلال القطاع الخاص سنتمكن من تصحيح المعادلة بفعالية اكبر من القطاع الحكومي.
لا بد من الاستعداد لتقبل التغيير
الجوعان: ضرورة إعادة النظر بموضوع دعم العمالة وتقديمه للمستحق
أيّد عضو غرفة تجارة وصناعة الكويت ورئيس مجلس الإدارة لشركة الكوت للمشاريع الصناعية، فهد الجوعان، سياسة الاحلال، لكن بشروط. وقال انه في الآونة الأخيرة وُضعت على عاتق القطاع الخاص مسؤوليات كبيرة من خلال التعديل على قوانينه، الأمر الذي انعكس على ميزانيات الشركات بنسب تفاوتت بين %15 ــ %20، وعلى الرغم من ذلك تحملت الشركات في هذا القطاع المسؤولية، التي أُوكلت اليها وتعاملت معها بحذر رغم ما تكبدته من تكاليف مادية وادارية.
وأضاف الجوعان: نحن لا نمانع تعزيز سياسة «التكويت»، لكن لابد ان نشير الى الاحتياج المستمر للاستعانة بالخبرات الأجنبية في قطاعات معينة، حيث انهم لطالما لعبوا دورا اساسيا في بناء الكويت منذ نشأتها، وجاء ذلك نتيجة صغر حجم تعدادها السكاني آنذاك.
واوضح الجوعان ان الانفتاح المبالغ بالتوطين ليس بالضرورة بالأمر الجيد، وكذلك الحال مع الانفتاح المفرط وغير المدروس بجلب العمالة الوافدة، خاصة تلك التي لا تحتاجها السوق، مشددا على الموازنة في كيفية التعامل مع احتياجات السوق. واشار الى ان عامل الاستعانة بالوافدين لا يزال موجودا، لكن ليس بنفس الحجم كما في السابق. وذلك نظرا الى الازدياد الملحوظ في نسب المواطنين الخريجين بمختلف التخصصات، الذين فاقت اعدادهم 30 ألفاً بالسنة الواحدة، الامر الذي خلق «البطالة المقنعة»، والتي قريبا ما ستتحول الى «بطالة واقعية».
واضاف: باعتقادي الحكومة لن تستطيع الاستمرار بضمان توظيف كل خريج كويتي، حتى على المستوى العالمي، ليس بمقدور الحكومات توظيف جميع مواطنيها. كما لابد من الاشارة الى ان هناك «ترهلاً» بالطاقة الحكومية في كيفية ادارتها للامور، وبالتالي كان الاجدر خلق هيئات مختصة لتكون معنية بإدارة وتنظيم ومراقبة القطاع الخاص لهذه القضايا في مختلف القطاعات، وافضل مثال على ذلك «هيئة الاتصالات».
وبيّن الجوعان ان القطاع الخاص بحاجة الى اعطائه فرصة للاستماع لاحتياجاته التي سبق التطرق لها من خلال مختلف الجهات، فهناك ضرورة لتحليل هذه القضايا، وتوفير حلول مشتركة بغية زيادة ودعم النمو الاقليمي لشركات القطاع، الامر الذي سيساهم في استيعاب اعداد اكبر من توظيف الكوادر الوطنية.
وذكر بضرورة إعادة النظر بموضوع دعم العمالة، وتقديمه لمن هم اكثر احتياجا له.
فمثلا حملة الدبلوم يستحقونه بشكل أكبر من الذين يملكون دراسات عليا، وذلك لتشجيعهم، حيث ان الحاصلين على شهادات الدراسات العليا فرصهم اكبر في الحصول على وظائف ومناصب مهنية عالية.
لابد من ان تكون هناك مرونة في آلية توجيه دعم العمالة، بحيث يجري توفيرها للشريحة التي تتوافق مع احتياجات سوق العمل.
أكد ضرورة تأهيل المواطن
الجراح: «تكويت» منطقي خيرٌ من تبادل عشوائي
دعا رئيس اتحاد العقاريين توفيق الجراح الى تطبيق «التكويت» على أسس منطقية وأخلاقية سليمة، فالمسألة ليست تبادل موظفين، انما تحتاج إلى خطة طويلة الأمد يجري من خلالها تأهيل المواطن للعمل في المؤسسات لتجري عملية الاحلال بسلاسة ومن دون ارباك.
وبين أنه وفقا لدراسة صادرة عن اتحاد العقاريين، فإن هناك علاقة تزايد طردية بين عدد الوافدين الذي يبلغ 3.5 ملايين، وبين تزايد عدد بيوت السكن الخاص التي تبلغ 170 ألف بيت، حيث أظهرت الدراسة أن كل بيت في الكويت يحتاج بين 13 إلى 20 وافداً للبناء والتشطيب ومن ثم الخدمة، لذلك فإن سياسة التوسع الأفقي للسكن التي تتبعها الحكومة لا تتناسب مع سياسة الإحلال والتكويت، خصوصاً ان المناطق السكنية الجديدة تحتاج إلى عمالة ومدارس ومستوصفات وخدمات، بمعظمها وظائف ليست للكويتيين. وأضاف: كلما كبر البيت، زاد عدد الخدم، وهذا يزيد من عدد الوافدين، لذلك يجب الاتجاه إلى تصغير حجم البيت والتوجه إلى التوسع العمودي، الأمر الذي من شأنه تقليص عدد العمالة الهامشية، لافتا إلى ضرورة أن تتماشى السياسات الحكومية مع توجهات الإحلال من دون تضارب.
وأشاد الجراح بموقف الحكومة من قانون دعم العمالة الهادف الى تشجيع القطاع الخاص على توظيف الكويتيين، والذي من شأنه أن يدفع باتجاه الإحلال التدريجي، لافتا إلى أن هناك وظائف يصعب تكويتها بالمستوى المتدني على غرار وظائف المهنيين وعمال النظافة وكذلك بالمستوى العالي، خصوصاً العمالة ذات الخبرات، لذلك لا بد من خطة تأهيل. وأكدّ ضرورة أن يكون للقطاع الخاص دور أكبر للمشاركة في تقديم الخدمات والصناعات التي تستقطب العمالة الكويتية، مشيرا إلى ان القطاعات التي أثبتت قدرتها وحققت نسبا عالية من الإحلال جاء أبرزها قطاعات البنوك والنفط والخدمات.
واعرب الجراح عن اسفه لتأخر التربية والتعليم في تحقيق نسب الإحلال، خصوصا في ظل وجود نقص مدرسين في مادتي الرياضيات والعلوم على سبيل المثال منذ فترة. ودعا الحكومة إلى منح حوافز للمواطن للدخول في المهن التي تقل فيها نسب الإحلال حاليا حتى يجري توجيه أنظار المواطنين للعمل بها.
المشعان: خطة توظيف وطنية
أفاد نائب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لشركة الأرجان العالمية العقارية خالد المشعان بانه من السابق لأوانه الحديث عن تطبيق سياسة احلال ما لم يكن هناك انتقال إلى الخبرات، مؤكدا ضرورة وضع خطة وطنية لمعالجة الإحلال المتوسطة الأمد تتراوح ما بين 5 و15 سنة، يجري خلالها التدريب والتنسيق وتبادل الخبرات والمعلومات، حتى يستطيع الوافد بمساعدة عامل الوقت نقل خبراته إلى المواطن، خصوصا أننا لسنا مستعدين للإحلال. وبيّن ان هناك بعض المهن التي لا تحتاج إلى نقل الخبرات، وقد يكون تكويتها أمرا يسيرا، لكن هناك وظائف ومهنا أخرى تحتاج إلى خطط تدريب للشباب الكويتي لتمكينه من مزاولتها باحترافية ومن ثم توريثها للأجيال القادمة.
وأضاف: في المقابل، يصعب تطبيق الاحلال في بعض المهن مثل تلك التي تتفرع من قطاع المقاولات وغيرها من الاعمال المماثلة غير الجاذبة اصلا للمواطن الكويتي، على الرغم من أن الكويتيين كانوا قبل حقبة النفط يقومون بتلك الأعمال.
واشار الى ان معظم العمالة الوافدة المتوافرة الآن تعمل في مهن لا يمكن إحلالها، وإذا ما جرى الاستغناء عن العمالة بشكل عشوائي، فإن ذلك سينعكس سلبا على الاقتصاد، ويؤدي إلى تعطيل المشاريع. ولفت إلى أن الكويتيين يتجهون إلى العمل في القطاعات النظرية، مثل المحاماة والآداب والشريعة، بينما يعزفون عن القطاعات العملية.
بودي: القطاع الخاص لا يمانع أي سياسة سليمة للإحلال
قال المحلل النفطي ورئيس مركز الأفق للاستشارات الإدارية الدكتور خالد بودي إن الوافدين في الكويت يقومون بأداء عمل شريف تحتاجه البلاد، وأتوا بتأشيرات رسمية لذا يجب أن نحسن معاملتهم إذا لم يصدر منهم ما يخالف القوانين والأعراف السارية، كما أنهم يجب أن يحصلوا على حقوقهم كاملة وفقاً للقانون والعقود الموقعة معهم.
وفي ما يتعلق بموضوع إحلال المواطنين محل الوافدين، فمن حيث المبدأ لا أعتقد أن القطاع الخاص يمانع في التعاون مع الدولة بهذا الخصوص، لكن من المهم ألا تفرض سياسة الإحلال على الشركات دون النظر إلى طبيعة العمل في هذه الشركات. واضاف: إن فرض برنامج معين للإحلال على القطاع الخاص دون النظر إلى متطلبات العمل في الشركات الخاصة من شأنه أن يؤدي إلى إرباك العمل في تلك الشركات مما قد يؤثر في الخدمات المقدمة وإبطاء عملية التنمية فضلاً عن احتمال زيادة تكلفة هذه الخدمات. لذلك فإن عملية الإحلال يجب أن تجري من خلال التعاون والتشاور بين القطاع الخاص ومؤسسات الدولة ذات الصلة.
واشار إلى أمور عدة تجب مراعاتها عند تطبيق سياسة الإحلال أهمها الحفاظ على انسيابية العمل في القطاع الخاص واستمراريته في تقديم المنتجات والخدمات المطلوبة وبالمستوى المطلوب بانتظام.
كما أن سياسة الإحلال يجب أن تمكن القطاع الخاص من مراعاة حقوق الكوادر الوافدة وفقاً لعقود العمل الموقعة معهم بحيث لا يتم الطلب من الشركات تنفيذ سياسة الإحلال بطريقة تخل بحقوق الوافدين.
النوري: العمالة الأجنبية تخدم رفاهية الدول وتقدمها
قال وزير المالية الأسبق محمود النوري، أن دول العالم بشكل عام تحتاج إلى العمالة الأجنبية، سواء كانت فنية منها أو أساتذة جامعة وأطباء وممرضين ومهندسين أو عمالة تقوم بالأعمال التي لا يقوم بها المواطنون، مثل الأعمال المتدنية الخبرة، ومثال لهذه الدول سويسرا والدول الاسكندنافية.
واضاف: موضوع الاستعانة بالعمالة الأجنبية مهم جدا لرفاهية وتقدم دول العالم. وأوضح النوري أن الكويت في الخمسينيات والستينيات كانت تحتاج للعمالة الأجنبية في كل المجالات وعايشنا تلك الفترة عندما كان المدرسون والأطباء والمهندسين من إخواننا الذين ساهموا في بناء وتقدم الكويت. وتابع النوري قائلاً: «الآن مع تخرج عشرات آلاف الطلبة الكويتيين ودخولهم سوق العمل تتناقص الحاجة ويصبح الإحلال أمرا طبيعيا، مع الشكر والتقدير لمن ساهم وعمل على تقدم ورقي الكويت، موضحاً انه تبقى هناك مجالات لا يمكن الاستغناء فيها عن العمالة الأجنبية، وهي المجالات المتخصصة التي يزداد عليها الطلب عالمياً، أو خدم البيوت والعمالة المتدنية الخبرة.
واختتم النوري تصريحه قائلاً: «يؤلمني أن يزايد بعض النواب الشعبويين في موضوع الإحلال ويخرجونه من موضعه الطبيعي ويهاجمون فيه من يساهم في خدمة البلد، والمفروض الإصرار على تطبيق القوانين على من يتاجر بالبشر ويسلب العمالة الأجنبية مدخراتها ويجلبها للكويت ويرميها في الشوارع، هؤلاء يستحقون من النواب تسليط الضوء على عملهم غير الإنساني، واتخاذ الإجراءات الرادعة بشأنهم، خلاصة التطور الطبيعي هو الإحلال والشكر لمن ساهم في تقدم ونهضة الكويت، وتطبيق القانون على من يتلاعب في مدخرات وأرواح البشر».
العجيل: خطوة إيجابية
قال رئيس مجلس ادارة بنك برقان ماجد العجيل، ان سياسة احلال المواطنين مكان الوافدين تعد خطوة ايجابية لتنمية اقتصاد واعد، مؤكدا في الوقت ذاته على مدى التزام البنوك الكويتية في تطبيق نسب تواجد الكوادر الوطنية، وفقا لما اوصى به البنك المركزي.
واضاف العجيل ان سياسة «التكويت» ستساهم بشكل فعال في تأهيل الجيل الواعد وذلك من خلال ما توفره البنوك من دورات تدريبية معنية. وبين العجيل «لا ننكر دور الوافدين على مدى سنوات في بناء الدولة وسد ثغرات حاجة البلاد من مهارات وخبرات لم تتوافر لدى الكوادر الوطنية، الا انه آن الاوان لتوفير هذه الخبرات وزرعها لدى الكوادر الوطنية».
الصانع: حبرٌ على ورق
قال رئيس الجمعية الاقتصادية مهند الصانع، إن غياب الرقابة عن التطبيق الفعلي وعدم ربط مخرجات التعليم بمتطلبات السوق ومنافسة القطاع العام تجعل خطط الإحلال حبرا على ورق، والدليل ان اعداد الوافدين مازالت كبيرة وحاجة السوق لهم مستمرة. وأوضح الصانع أن الحكومة التي تصدر قرارات لتنظيم التركيبة السكانية وتضع خطط الإحلال، هي نفسها أكبر منافس للقطاع الخاص في جذب العمالة الوطنية، وبالتالي لا مجال لشغل تلك الشواغر سوى بالوافدين.
وأشار الى أن غياب الرقابة الحقيقة عن تطبيق قرارات الحكومة بشأن سياسات الإحلال تجعل من التحايل عليها أمرا سهلا.
الحكومة لا توفّر بيئة مشجّعة للشباب
البدر: عالجوا مشاكل التوظيف قبل الاندفاع إلى الإحلال
دعا الخبير الاقتصادي العضو المنتدب الأسبق للهيئة العامة للاستثمار علي البدر، إلى معالجة أسباب تزايد الموظفين الوافدين في المؤسسات الكويتية قبل الاندفاع إلى تطبيق الاحلال.
وقال ان جميع المجتمعات تحرص على الاستفادة القصوى من قوتها البشرية؛ فهي أساس التنمية والإنتاج، مؤكدا ان المواطنين لهم الأولوية في التوظيف والتدريب والترقية.
وانتقد الرشيد الأسلوب الحكومي الذي لا يوفّر البيئة المشجعة للشباب لخوض غمار التميّز والمنافسة والتحفيز وشغل الوظائف المنتجة التي يحتاجها الاقتصاد. وأضاف: مشاكل التوظيف عديدة تبدأ بالتعيين، هناك فرق كبير بين خريجي «هارفارد» وخريج الجامعات المتواضعة، الأمر الذي أدى إلى توجه كثير من الشباب إلى التخصّصات السهلة، بالاضافة إلى التعيينات العشوائية في جهاز الدولة والكثير منها من دون فائدة.
واشار إلى موضوع الأقدمية والبصمة والواسطة، الذي أضحى من المعايير التي تؤخذ في الحسبان في الترقيات والمكافآت، واصبح الموظف مهما بلغ كسله فهو غير قابل للفصل أبداً، وصارت المحاكم في بعض الأحيان هي التي تحدد من هو المدير الأحق بالمنصب بغض النظر عن رأي رؤسائه في عمله او مستوى إنتاجيته أو كفاءته ولهذه الأسباب مجتمعة انتشر التراخي بين الكثير من الشباب ودفع بعض المسؤولين في الإدارات للاستعانة بالوافدين الذين لا ضمان لبقائهم في عملهم، الا من خلال الاجتهاد والتفاني وانجاز المهام الموكلة اليهم؛ لذلك علينا التعامل مع أسباب المشكلة للوصول إلى معالجة موضوعية.
الهارون: تعديل التركيبة السكانية يجب ألا يمس العمالة الماهرة
قال وزير التنمية ورئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة الأسبق عبدالوهاب الهارون: إن هناك هاجساً لموضوع التركيبة السكانية منذ السبعينات، فمن غير المنطقي أن تكون غير متوازنة ما بين الوافدين والمواطنين، مذكراً بالدعوات والخطابات الداعية إلى تعديل التركيبة السكانية، والتي نأمل أن تكون مناصفة ما بين المواطنين والوافدين، لكن حينما وصلت النسبة إلى %33 أصبح النمو السكاني بالكويت في مصلحة الوافدين وليس المواطنين. وتابع: «تتوزع نسبة النمو السكاني الحالي بين %3 سنوياً للمواطنين و%4 للوافدين، وهناك دائماً تراجع في نسبة حجم السكان بالكويت، لذا تجد ارتفاعاً في نسب الوافدين وانخفاضاً بالتبعية في نسب المواطنين».
وطالب الهارون المعنيين بأن يكون الإحلال من خلال التركيز على العمالة الهامشية، وليس العمالة الفنية الماهرة، التي لا يمكن الاستغناء عنها، سواء من الوافدين أو غير الوافدين، لأنهم يسدون النقص في عدد الكويتيين في كل الأعمال التخصصية، لافتاً إلى أن مخرجات التعليم توفر وظائف من الممكن أن يجري الاستعانة بها، والاستغناء عن الوافدين فيها.
وأوضح الهارون أن المطالبات بتعديل التركيبة السكانية تجري منذ أكثر من 30 عاماً، لذا يجب أن تكون نسبة الكويتيين متساوية مع نسبة الوافدين، موضحاً أن ما يجري العمل عليه حالياً في الخطة الخمسية هو زيادة النسبة المئوية بين السكان من 2 إلى %3 سنوياً وهذه العملية ليست سهلة لأن ذلك يعتمد على تضافر الجهود، وبالتالي إذا كانت هناك رغبة في تعديل التركيبة السكانية يجب الا تمس العمالة الوافدة الماهرة الفنية وهذا ينطبق على القطاع الخاص.
الحميدي: الإحلال «مستحيل»
قال وزير الأشغال وزير الدولة لشؤون الإسكان الأسبق بدر الحميدي: إن تطبيق سياسة الإحلال ليس بالأمر السهل من دون توفير البديل المناسب، الذي يقدّم نفس الأداء المطلوب من الموظف الوافد.
وتابع الحميدي قائلاً: «لا يمكن تطبيق الإحلال في الوظائف الفنية التي تحتاج خبرة ومهارة، وذلك بسبب الخلل في مخرجات التعليم التي لا تتناسب مع متطلبات سوق العمل. واوضح ان الدولة لم تعمل خلال السنوات الماضية على تشجيع المواطنين لشغل الوظائف الفنية المهمة التي تساعد في تطبيق الإحلال، مثل الكهرباء والتمريض وغيرهما.
وأكد الحميدي أن العملية تحتاج إلى وضع أسس ومعايير من قبل الحكومة وتغيّر المنهجية العملية والتدريب من قبل الأجيال القادمة، عدا ذلك لا يمكن أن يجري الإحلال بسهولة، مشيراً إلى ان الدولة تحتاج إلى سنوات للتدريب وفي تعديل مخرجات التدريس من العمل الاداري إلى العمل الفني، متسائلاً: أين الإحلال من وظائف التدريس ووظائف المهن الطبية والكهربائية؟ نسبة إشغال المواطنين فيها لا تتعدى %3.
واختتم الحميدي بالقول: «عندما نتكلم عن الإحلال يجب أن نكون على قناعة تامة أنه من المستحيل تطبيق الإحلال الكامل للعمالة في الكويت بسبب العوامل التي جرى ذكرها سابقا».
تفاوت الدخل بين القطاعين يصل إلى %40 لمصلحة «العام»
السعدون: لا يُمكن المنافسة بموظف راتبه عالٍ وإنتاجيته متواضعة
قال رئيس مجلس ادارة شركة الشال للاستشارات جاسم السعدون، أن مشكلة التفاوت في الرواتب بين القطاعين العام والقطاع الخاص تدفع الكويتيين إلى العمل في القطاع العام، خصوصا ان موظف القطاع الخاص يتطلب منه تقديم عمل نوعي مقابل أجر أقل قياسا بموظفي الدولة، مشيرا الى وجود تفاوت كبير في الرواتب يتراوح بين 30 - %40 لمصلحة القطاع العام.
وأضاف قائلاً: «إذا أُجبر القطاع الخاص على الإحلال سيضطر إلى مساواة الراتب، الأمر الذي سيزيد التكلفة على شركات القطاع الخاص». وأكدّ السعدون ضرورة وجود بيئة تنافسية صحية بين العمالة لتنفيذ سياسة الإحلال واستطرد قائلا: أن يُدفع راتب مرتفع للموظف فقط لأنه كويتي بما لا يتناسب مع إنتاجيته فهذا ظلم، ولا بد أن يتناسب الراتب مع الانتاجية.
وأرجع السعدون سبب مشاكل العمالة في الكويت إلى ضعف نظام التعليم الذي لا تتناسب مخرجاته مع سوق العمل، ناهيك عن البطالة المقنعة الناتجة عن تكدس العمالة الوطنية في القطاع الحكومي، التي بدورها تقلل من جاذبية العمل في القطاع الخاص.
وتابع: إذا ما أصبح الأجر والتنافس مبنيين على الكفاءة، فإن القطاع الخاص سيكون قادرا على توظيف العمالة الكويتية حتماً، أما البيئة التنافسية الحالية فهي طاردة وغير صحية، وذكر السعدون بما فعلته الحكومة منذ عام 2011 عبر سلسلة من زيادات للكوادر العاملة في القطاع العام رغم أنها وعدت بعملية إصلاح جوهرية وشكلت لجنة خاصة لهذا السبب آنذاك وكان الهدف زيادة العمالة الكويتية، لكن ما حدث وجرى على ارض الواقع يمكن وصفه بأنه نزوح من القطاع الخاص إلى القطاع العام.
وخلص السعدون الى القول ان القضية ليست نسب الكويتيين إنما هي قضية ملاءمة، فهل يستطيع القطاع الخاص أن ينتج بمستوى تكاليف معقول وينافس في السوق المحلي والعالمي في حال قيامه بعملية إحلال كاملة؟ الواقع يؤكد انه لن يستطيع ذلك.
الخطأ ليس خطأ المواطن، إنما السياسة الحكومية الخاطئة التي ترفع رواتب الكويتيين في القطاع الحكومي من أجل شراء الولاءات وتشتكي القطاع الخاص على انه لا يوظف، والحقيقة أن القطاع الخاص لا يستطيع التوظيف لأنه غير قادر على المنافسة في ظل منظومة وظيفية تتضخم فيها الاجور وتهبط بالانتاجية.
الصبيح: الأولوية للكوادر الكويتية
قال رئيس مجلس ادارة مركز صباح الاحمد للموهبة والابداع براك الصبيح ان كل دولة تطمح باعطاء الأولوية لكوادرها الوطنية لتشغل مختلف المناصب في مختلف مجالات العمل كجزء يتحملون من خلاله المسؤولية الوطنية. واضاف الصبيح متسائلا: هل لدينا الكوادر التي تتمتع بإمكانية العمل لسد الثغرات في مختلف القطاعات؟ بصراحة أشك في ذلك.
حيث ان هناك وظائف «طاردة» لا يود اي مواطن العمل فيها. واوضح الصبيح ان الحل يكمن من خلال تدعيم الراتب وذلك بغرض تحفيزهم لقبول الوظيفة، مشيرا الى ان هناك ضرورة لطرح مغريات، فعلى سبيل المثال: اذا كان العامل الوافد يتقاضى أجر نحو 200 دينار، فلا بد من عرض هذه الوظيفة على المواطن مقابل راتب لا يقل عن 1000 دينار حتى يُشجع.
وأضاف: وحتى من خلال توفير المغريات فإننا بذلك سنتمكن من تغيير ثقافة المجتمع التي بدورها ستنكسر امام سياسة الراتب التحفيزية.
واختتم الصبيح حديثه انه غير متفائل بسياسة احلال المواطنين مكان الوافدين بسبب توفير الحكومة لما يسمى بـ«دعم العمالة»، حيث إن هذا العامل غير مشجع ولا يدفع الكوادر الوطنية للعمل في الوظائف الطاردة التي لا بد من ان تمتلك رواتب وميزات افضل من تلك المتوافرة في الوظائف المرغوبة التي من شأنها استقطاب المواطنين.
اليوسف: الكفاءات تغادر.. والعمالة الهامشية ترتفع
قال رئيس البنك الصناعي الأسبق صالح اليوسف، ان اصحاب الكفاءات يخرجون والعمالة الهامشية تتزايد... هذه النتائج التي وصلت اليها خطط وسياسات الدولة لتغيير التركيبة السكانية وإحلال العمالة الوطنية ما يستدعي إعادة النظر فيها وبأسرع ما يمكن.
وأشار الى أن نواب مجلس الأمة يبحثون عن اصوات من خلال مقترحات وقوانين شعبوية، والوزراء يبحثون عن الحلول السريعة للأزمات والمشاكل المزمنة من خلال قرارات ارتجالية، هرباً من مواجهة أصل المشاكل والعمل على حلول جذرية، والتي قد تتطلب بعض الوقت، بغض النظر عن التداعيات السلبية لهكذا قرارات. وأضاف تخسر الكويت سنوياً كفاءات هي بحاجة اليها وتستفيد بها الأسواق المجاورة، التي تستقطبها لتحقيق المزيد من النمو والرقي على كل المؤشرات الاقتصادية.
«الإحلال مستحق.. لكن السياسات والآليات مبهمة»
«اتحاد الصرافة»: قرارات غير مدروسة وتكسّب انتخابي
حذر رئيس مجلس إدارة اتحاد شركات الصرافة، عبدالله الملا، من القرارات الحكومية غير المدروسة سواء المتعلقة بقطاع الصرافة مباشرة ، أو بشأن الاقتصادي بشكل عام والتي باتت تتخذ دون الرجوع للمعنيين. وأضاف الملا، في كلمة له خلال اجتماع للاتحاد بحضور ممثلي 37 شركة من أصل 40 شركة عاملة في السوق المحلية، أن القرارات الحكومية غير المدروسة، التي لم يؤخذ برأي الاتحاد فيها كممثل للشركات صاحبة الشأن، بدأت تُنتج تحديات جديدة تهدد استمرارية القطاع بالكامل، مما يؤثر على بيئة الأعمال في الكويت والتوجهات المستقبلية نحو التحول إلى مركز مالي واقتصادي، خصوصاً لارتباط أعمال «الصرافة» بحرية تدفق الأموال، وانخفاض تكلفة نقلها من دولة لأخرى. ولفت الملا إلى أن القرارات غير المباشرة تتمثل في النظرة السياسية تجاه الوافدين واستخدامهم كـ«حطب للمعارك الانتخابية»، من دون وعي أو تنبه لخطورة ذلك، وعدم محاولة الاستفادة منهم كقوة اقتصادية، يمكن توظيف مقدراتها ضمن خطط الكويت الاستراتيجية للتحول نحو مركز مالي وتجاري.
وأبدى الملا استغرابه من تضارب المواقف تجاه الوافدين مع خطط الكويت الاستراتيجية في الوقت ذاته، متسائلاً: «كيف نعمل على استقطاب كفاءات ومستثمرين من الخارج»، وفي الوقت ذاته، تصدر بصورة يومية إجراءات وتصريحات عن قوانين لتقليص أعداد الوافدين، مؤكداً تأييده الكامل لخطط تعديل التركيبة السكانية وإحلال الوظائف، ولكن وفقاً لآليات وسياسات مدروسة وسليمة.
وتساءل الملا: هل يُعقل أن يجري إبعاد وافد بسبب خطأ مروري وارد وان كان كفاءة نادرة أو ربط رخصة القيادة بالمؤهل والراتب في دولة تعاني من مشاكل طرق ومواصلات عامة؟ وتطرق الملا إلى قرارات نسبة التكويت في شركات الصرافة، إذ بات القطاع ملزماً وفقاً للقرار الأخير بالوصول إلى نسبة %15 عمالة وطنية، وهو القرار الذي جرى استثناء القطاع منه سابقاً، من دون أخذ رأي القطاع في مدى تأثرهم به.
ولفت الملا إلى أن معدلات الرواتب في القطاع تتراوح بين 250 إلى 300 دينار شهرياً، وهي أرقام لن يقبل بها المواطنون، وزيادتها عن ذلك الحد يُعد تكلفة إضافية على الشركات تنهك ميزانيتها، ناهيك عن أن الكويتيين لن يقبلوا بالعمل على فترتين لمدة 6 أيام في الأسبوع. بدوره، أكد نائب رئيس الاتحاد، طلال بهمن، أن كل القرارات الأخيرة في شأن شركات الصرافة، تدفع بآثار ذات مردود اقتصادي سلبي على قطاع فاعل في الكويت، وله دور حيوي، إذ إن قرارات التكويت والإحلال ترفع من مصروفات الشركات.
وأكد بهمن أن تلك التكلفة الإضافية قد تدفع بالنهاية الشركات إلى محاولة التعويض من خلال زيادة الرسوم الخاصة بالتحويل، والتي من الممكن أن ترتفع، وهو ما سيؤثر في حركة التحويلات وتدفقات الأموال بصورة سلبية تؤثر مباشرة في التوجه نحو التحول إلى مركز مالي وتجاري، والذي يتطلب في الأساس وجود سهولة في تدفقات الأموال.
وأشار بهمن إلى أن تحميل القطاع ما لا طاقة له به، من خلال قرارات تفرض بصورة نظرية وغير مدروسة، لا تعطي اعتباراً للتحذيرات، مثل فرض الرسوم على تحويلات الوافدين، لن يطال أثرها القطاع فقط، بل ستمتد إلى اقتصاد الدولة ككل، إذ ستنشأ عنها سوق موازية ترفع تكلفة مكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب على الدولة للوفاء بمتطلبات قانونها، ناهيك عن عدم القدرة على التحكم فيها بصورة كاملة.ولفت إلى عدم وجود تنسيق ما بين وزارة التجارة والصناعة وبنك الكويت المركزي في شأن تعيين مراقب التزام معني بتطبيق قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، خصوصاً أن كل شركات الصرافة، التي تقع تحت المظلة الرقابية لبنك الكويت المركزي، لديها مدير التزام وقسم خاص بهذا الأمر. وبيّن بهمن أن وزارة التجارة في توجهها لم تحدد المطلوب توافره في مراقب الالتزام لتولي مسؤولياته، لجهة نوع المؤهل العلمي، الذي يحمله والتخصص، ناهيك عن نوع الخبرات المطلوب توافرها فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا رأيك