الكويت
باب رزق جديد .. أنباء سارة لكل من يعمل في الكويت
أ.ك
يعد القطاع الخاص في الاقتصادات العالمية الكبرى المحرك الرئيسي في الاقتصاد والمساهم الأكبر في الناتج المحلي الإجمالي والقوة الرئيسية للتغير ومن هنا تسعى الكويت إلى إضافة قيمة ومهارات جديدة لسوق العمل والارتقاء بالاقتصاد وتنويع موارده.
ولا تقتصر أهمية أي اقتصاد في العالم على الكتلة المالية أو الأصول والسندات فحسب إنما تقوم على إطار تشريعي يحمي أي اقتصاد ومنها الاقتصاد الكويتي من خلال اتخاذ إجراءات وقواعد تتطلع وزارة التجارة والصناعة إلى تنفيذها عن طريق الاستغلال الأمثل للموارد والاهتمام في المقام الأول بتشجيع الشباب على العمل والإنتاج.
ففي دراسة رفعت الى وزير التجارة والصناعة د.يوسف العلي نجد سعيا دؤوبا نحو استحداث تراخيص تجارية للعمل من خلال المنزل أو ما يسمى «الهوم بزنس» باعتبار أن أصحاب المشاريع الكويتيين يمثلون لبنة مهمة في قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المحلي والقوة المؤثرة التي تدفع بالنمو الاقتصادي عبر الابتكار في العمل التجاري وخلق نمو في فرص العمل.
وفي هذا الشأن، قال الوكيل المساعد لقطاع الشركات والتراخيص التجارية في وزارة التجارة والصناعة د.عبدالله العويصي إن إصدار التراخيص التجارية يهدف إلى حماية المستهلك ومالك العمل التجاري علاوة على تشجيع فئة الشباب ودعمهم.
وأضاف أن هناك دراسة مبدئية رفعت إلى وزير التجارة والصناعة لتنظيم إجراءات منح تراخيص العمل من خلال المنزل «الهوم بزنس» في خطوة من شأنها الحد من ممارسة الأشخاص لنشاط تجاري من دون ترخيص في المنزل.
وأوضح أن هذا النوع الجديد من الرخص يخول صاحب الترخيص مزاولة عمل تجاري من منزله مع وضع بعض الضوابط بشأن الأعمال التي يمكن مزاولتها في المنازل إضافة إلى مساهمتها في تحفيز القطاع الخاص وتنويع القاعدة الاقتصادية في البلاد.
وذكر العويصي أن مفهوم العمل من المنزل «الذي نطمح إلى تحقيقه هو أن يتم استخدام مكان السكن للإنتاج أو للخدمات بغرض الحصول على عائد مادي شريطة حصول القائم على هذا العمل على ترخيص وفقا للأحكام التي تم تنظيمها في هذا الخصوص»، مبينا أن هذا النوع من التراخيص معمول به في دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية والإمارات.
وأشار إلى أن وزارة التجارة والصناعة وفي إطار مسؤولياتها كافة وانطلاقا من أسباب صحية لن يكون مسموحا لأي عمل تجاري منزلي بإنتاج مواد غذائية من أي نوع أو أي منتج أو خدمة يمكن أن تؤثر مباشرة على صحة المستهلك إضافة إلى توظيف عمال لأي عمل تجاري منزلي ماعدا أفراد الأسرة المباشرين.
وعن أهداف ومبررات العمل من خلال المنزل أفاد العويصي بأن «هدفنا يكمن في التوسع في مشاركة الشباب والأسر المنتجة وذوي الاحتياجات الخاصة بالتنمية الاقتصادية للوطن والحد من نسب البطالة علاوة على رفع مستوى معيشة الفرد وتشجيعه وتحفيزه نحو الإنتاج والعمل الحر».
وأضاف أنه يمكن تحديد تلك الأهداف في الحد من ممارسة أشخاص لنشاط تجاري دون ترخيص والتشجيع نحو التوجه للقطاع الخاص وتقليل المصروفات على صاحب الترخيص لأن الرخصة لا تحتاج إلى محل خاص لمزاولة النشاط بل يمكن مزاولة العمل في المنزل.
وأشار إلى أن مساهمة هذا النوع من الترخيص فعال أيضا للدولة من خلال تخفيف الضغط على القطاع الحكومي والمزاولة العامة للدولة، مؤكدا أنه يخدم شريحة كبيرة من المجتمع لأنه لا يحتاج الى رؤوس أموال كبيرة.
وبشأن الضوابط والشروط العامة لممارسة النشاط في المنزل بين العويصي أن الترخيص يجب أن يكون لنشاط واحد فقط وأن يكون ضمن قائمة الأنشطة المسموح بها والمحددة من جهاتها المختصة إضافة إلى عدم تسبب المشروع في إحداث أي ضرر بالصحة العامة أو البيئة ولا أعباء على المرافق العامة.
وقال العويصي إن المكان يجب أن يكون ملائما ومجهزا بكل ما يلزم النشاط المرخص له متضمنا قواعد السلامة والأمان وأن تتم مزاولة النشاط في قسم مستقل من المنزل شريطة أن يكون مملوكا أيضا لصاحب الترخيص أو لأحد أقاربه من الدرجة الأولى.
وأكد أن شروط الترخيص تنص على أن يكون صاحب الترخيص كويتيا لا يقل عمره عن 21 عاما وألا يزيد عدد الرخص في المنزل على رخصة واحدة وحددت مدة الترخيص بسنة قابلة للتجديد بعد التأكد من مزاولة العمل من عدمه من خلال الجهات المختصة بالتفتيش.
وذكر العويصي أن الشروط المتبعة نصت على ألا يسمح باستقطاب عمالة على الترخيص وأكدت على الالتزام بعدم الإضرار بالجيران بأي شكل من الأشكال وألا يؤثر النشاط في انبعاث أصوات أو أدخنة وزيادة المخلفات والنفايات في المنطقة.
من جانبه، قال أستاذ الاقتصاد في كلية العلوم الإدارية في جامعة الكويت د.نايف الشمري إن تعزيز الصناعات المنزلية من خلال إقامة ترخيص رسمي وقانوني لها من شأنه خلق فرص عمل والمساهمة في تنويع القاعدة الانتاجية في البلاد.
وأكد الشمري أن من شأن هذه الصناعات المنزلية المساهمة في تقليص أعداد العاطلين عن العمل في البلاد وتقليل الطلب السنوي المتزايد للوظائف في القطاع العام علاوة على مساعدة البلاد في تقليل المصروفات المتعلقة ببند الرواتب في الموازنة العامة.
وشدد على أهمية مشاريع الأعمال المنزلية لدورها الحيوي في زيادة الدخول النقدية للأفراد ورفع مستوى معيشتهم مما يعزز من عملية الاستهلاك والاستثمار بالتالي العمل على ارتفاع الدخل القومي للدولة وتحقيق التنمية المستدامة الشاملة.
وأشار إلى أن تجربة الكويت في مجال الصناعات المنزلية يغيب عنها التنظيم الإداري الرسمي والغطاء القانوني لها التي تحتاج اليها تلك الصناعات لتسهيل عملية التسويق مؤكدا قدرة المواطن الكويتي لاسيما الشباب على المساهمة في عملية النمو الاقتصادي وتحويلها الى مركز مالي وتجاري مرموق.
وأفاد بأن الشروط والضوابط التي تمنح لموازنة العمل من خلال المنزل يجب أن توضع بما يتناسب والحاجة الحقيقية للسوق الكويتي وواقع الصناعات المنزلية.
وبين أنه من غير المناسب استبعاد الأعمال المنزلية المتعلقة بتجهيز الطعام، لافتا إلى أن معظم المتوفر في وسائل التواصل الاجتماعي يشمل إعداد وتجهيز الطعام والحلويات وما شابه ذلك.
وأكد أهمية إعداد قانون خاص بتنظيم تلك الأعمال التجارية المنزلية المرتبطة بالغذاء والطعام أسوة بتجارب الدول الأخرى خصوصا في السعودية وعمان ومصر والأردن.
وأفاد بأن هناك تحديا حقيقيا عند تنفيذ هذا القانون وهو تشجيع الأفراد على الترخيص لأعمالهم المنزلية آملا أن تعمل الجهات الحكومية خصوصا وزارة التجارة والصناعة على تسويق تلك الأعمال التجارية للأفراد مما يساعد على طمأنة المستهلكين حيال جودة المنتج المنزلي الذي يتم شراؤه.
وبين الشمري أن تطبيق هذا القانون يجب أن يتم من خلاله تشجيع الصناعات المنزلية الحرفية بهدف المحافظة على الأعمال التراثية وخلق تنافسية بين المنتجات وجودتها وتسهيل عملية تصديرها مما يساهم في عملية نمو الاقتصاد المحلي إلى جانب المحافظة على تراث البلاد.
وأوضح أن الصناعات المنزلية أو ما يسمى «العمل انطلاقا من المنزل» هو الصناعة التي تأخذ من المنزل مكانا لها وغالبا لا يتجاوز أعداد عامليها خمسة أفراد بحسب محيط المنزل والغرض من وجوده وهي ملكية فردية شاملة الصناعات المنزلية والحرفية والصناعات البيئية.
وأكد أن من أهم المميزات الصناعات المنزلية عدم حاجتها إلى رأسمال كبير لإدارة أو تأسيس تلك الصناعة علاوة على انسيابيتها خلال العمل وخلق علاقات عمل بين العمال بأسس بعيدة عن النمطية المتعارف عليها في الإدارة.
واستعرض الشمري عددا من التجارب الناجحة لتلك الصناعات طبعا مع اختلاف قوة اقتصاد البلد، وما إلى هناك من اختلافات مجتمعية وثقافية وغيرها ومن أشهرها تجربة نموذج بنك الفقراء في بنغلاديش حيث يعمل البنك على توفير رؤوس أموال للفقراء عن طريق القروض دون أي ضمانات مالية لتأسيس مشاريعهم الخاصة في المنزل مما ساهم في تعزيز اقتصادها المحلي.
وأشار الشمري أيضا إلى تجربة الأعمال المنزلية في بريطانيا التي سجلت أخيرا نموا سريعا بسبب التطور الناجم في مجال التكنولوجيا حيث يقدر حجم تلك الأعمال على المواقع الإلكترونية بنحو 8 ملايين عامل في هذا المجال.
وفي لقاءات متفرقة أجرتها «كونا» مع أصحاب مشاريع صغيرة في وسائل التواصل الاجتماعي أجمع هؤلاء على أهمية تلك الخطوة المثمرة لوزارة التجارة والصناعة ودعمها المعنوي لفئة الشباب أصحاب المشاريع الكويتيين والانخراط في العمل التجاري والدخول في الحياة الاقتصادية.
وأشاد نواف خالد أحد أصحاب المشاريع المختصة بالمواد الغذائية بالدراسة التي من شأنها استحداث التراخيص التجارية في المنزل آملا أن تساهم في حفظ حقوق أصحاب المشاريع خصوصا أن هناك بعض العملاء ممن يتخلفون عن السداد عند الطلب.
وقال خالد إن استحداث التراخيص المنزلية خطوة إيجابية من قبل الوزارة خصوصا أنها تدعم الشباب وتقلل صعوباتهم ولا تتطلب موارد مالية كبيرة مثلما الحال في إنشاء محل تجاري وإنما داخل محيط المنزل فقط.
وطالب بتعديل بعض جوانب الدراسة لناحية عدم السماح باستقدام عمالة على الترخيص، مؤكدا من شأنها المساهمة في تقليل من إيجارات السكن للعمالة في حال سكنها داخل المنزل فضلا عن تخفيض إيجارات المحلات التجارية والاستثمارية.
من جهتها، قالت بشاير بوردحة صاحبة أحد الحسابات المتخصصة بالملابس النسائية في وسائل التواصل الاجتماعي إن هذا النوع الجديد من الرخص سيحفظ صاحب العمل التجاري وحماية المستهلك علاوة على تحقيق فرص عمل مثمرة للكويتيين.
وأوضحت أن هناك بعض الصعوبات لتلك الدراسة خصوصا بعد قدوم المفتشين التابعين للوزارة ومراقبة هذه النشاطات، مؤكدة وجود بعض مخازنها الخاصة بالملابس النسائية داخل الغرف والصالة الرئيسية التابعة للمنزل.
وأفادت بأن قدوم مراقبي الوزارة ومتابعتهم للأنشطة التجارية خلال المنزل خطوة مثمرة وإيجابية في حال مراقبة أصحاب المشاريع الغذائية ورصدها للمواد الفاسدة لأنها تهم صحة الإنسان.
يذكر أن الكويت وضمن سعيها إلى تنويع مصادر الدخل في البلاد شرعت في الفترة الماضية في وضع حزمة متكاملة من السياسات والتشريعات لمسار الإصلاح الاقتصادي والمالي تستند إلى قوة عمالتها الوطنية من خلال دعم الشباب والمواطنين نحو العمل التجاري والخاص ووضع قيمة حقيقية لاقتصادها مستقبلا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا رأيك