عاجل.. المصريون الغلابة ضحية فخ الدولار والجنيه.. والسوق السوداء توجه ضربة قاصمة للمغتربين بشأن قيمة تحويل جديدة قد تدفعهم ضريبة سنوات عملهم تحت الشمس !
وكالة اليوم الاخبارية – يبدو أن مضاربات «السوق السوداء» في معركة الجنيه مقابل الدولار، كانت «أكثر رحمة» على ما يرى البعض من مضاربات السوق الرسمية.فقد وصل سعر الدولار في البنوك إلى أعلى مستوى كان قد سجله بالفعل في «السوداء»، حيث تجاوز 18 جنيهاً في فترة وجيزة جداً.
قبل نحو أسبوعين تعجب الكثيرون من كسر «العملة الخضراء» عتبة الـ 15 جنيهاً، وصولاً إلى فلك الـ 18.5 بسرعة قياسية. حينذاك، تعدّدت الروايات، ولكن جميعها أغفلت أن اللاعب الرئيسي في تلك الفترة كان «المواطن الغلبان»، الذي لا يعي معنى المضاربة، بل ويفتقد مفهوم «الملاذ الآمن»، إذ ظن أن شراء الدولار خلال فترة «الطفرة السعرية» أصبح نوعاً من الاستثمارات، التي لا تفقد قيمتها!
وخلال الفترة سالفة الذكر، ظهرت على الساحة تساؤلات للكثير من المواطنين المصريين الذين تتراوح قيمة مدخراتهم بين 50 و500 ألف جنيه، حول أفضل الطرق لحفظ قيمتها من خسائر سعر صرف الجنيه المتتالية، والتي تقلل قوتهم الشرائية مستقبلاً، لينضموا إلى قائمة طالبي الدولار في «السوق السوداء»، مدفوعين بكسر الدولار حاجز الـ 15 جنيها للمرة الاولى.
بيد أن هؤلاء غاب عن بالهم أن توجههم نحو حفظ قيمة مدخراتهم بالدولار بدلاً من الجنيه، من شأنه رفع الطلب على «معروض قليل» من «الأخضر»، ليقود بالتالي أسعار الصرف إلى مستويات قياسية (18 جنيها للدولار الواحد)، إلا أن حدوث ذلك كان له مفعول عكسي، كونه أكد نظرية «البسطاء» بأن الدولار هو «الملاذ الآمن» والوحيد في الأزمة، التي أكلت قيمة مدخراتهم.
على أن النتيجة الحقيقية لهذه «المتاهة» كانت تكبّد المصريين البسطاء خسارتين، وربما ثلاثا. أما الأولى فكانت عبارة عن خسارة القوة الشرائية لمدخراتهم في ظل تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار بفعل الطلب الكثيف في «السوداء»، في حين كانت الثانية من خلال إقبالهم على شراء الدولار عند سعر مرتفع، قبل أن يبادروا (وهنا بدأت الخسارة الثالثة) في وقت لاحق إلى بيع «العملة الخضراء» (التي سبق واشتروها) بأسعار أقل، وذلك بعدما سرت أنباء بخصوص إيقاف الاستيراد، ما أدى إلى تحسّن سعر صرف الجنيه مقابل الدولار (12 جنيهاً).
الطريف في الأمر أن الفخ لم يقع فيه «البسطاء» وحدهم، بل طال الكثير من صغار تجار «السوق السوداء»، بالإضافة إلى صغار المضاربين، الذين توقعوا أن الدولار وبعدما كسر حاجز الـ 15 جنيهاً ووصل إلى أكثر من 18 جنيهاً سيظل مستمرا في موجة الصعود دون مقاومة إلى أكثر من 20 جنيها للدولار، ليوجهوا كل سيولتهم إلى طلب الدولار عند مستويات سعرية مرتفعة، وصولا إلى الشراء عند 18.5 جنيه للدولار، ليقعوا في فخ أخبار الاستيراد، وتتوالى خسائرهم «المتوقعة» وسط حالة من الذهول قبل اتخاذ قرار «التعويم».
ويبدو أن متخذ القرار حين أطلق صافرة البداية لتحرير الجنيه، لم يكن يعلم أن السواد الأعظم والمحرك النشط لـ «السوق السوداء» هم صغار التجار، ممن يُطلق عليهم لقب «جامعو العملات»، والذين توقفت أعمالهم قبل اتخاذ قرار التعويم بساعات، ليأتي القرار كبداية الغيث لعودة سيولتهم، والتي تحققت بصورة شبه كاملة خلال الساعات القليلة الماضية مع احتدام المضاربات من قبل السوق الرسمي، لتتحقق فائدة تسعى لها «المحروسة» منذ أشهر، مقابل تحقق «كارثة» لم يتم التحسب لها على الخط نفسه، والسبب «المضاربات الرسمية».
وتأتي الفائدة التي تسعى إليها مصر منذ أشهر في عودة تحويلات المغتربين عبر السوق الرسمي، والتي من شأنها أن تعيد أهم مصدر للإيراد بالعملات الأجنبية إلى مساره الطبيعي ليدعم المعروض، فتهبط الأسعار مجددا وصولا إلى سعر الصرف المعقول للجنيه مقابل الدولار، إلا أن مضاربات البنوك رفعت حدة الأزمة من خلال طلبها لـ «الأخضر» عند مستويات سعرية مرتفعة جداً، لم تحققها «السوق السوداء» إلا بعد سنوات وخلال طفرة من الطلب المتزايد، وذلك بعدما سرى الخوف على المدخرات بالعملة المصرية بين المواطنين، وهو ما يوحي بأن الأسعار في «السوق السوداء» كانت أكثر تعبيراً عن واقع العرض والطلب الحقيقي كما بدا لاحقاً في «السوق الرسمي».
وتحققت الكارثة بشكل لم يكن مقصوداً حينما ضاربت البنوك وطلبت شراء الدولار بأسعار مرتفعة، عوضت من خلاله الكثير من المضاربين والتجار في «السوداء»، والذين اشتروا «الأخضر» على مستويات سعرية تخطت 15 جنيهاً، في حين كانت خسائرهم «متوقعة» وتوقفهم عن العمل أمراً جبرياً، ليتأهبوا في الوقت الراهن إلى الدخول في حرب «تكسير العظام» مجدداً بعدما استعادوا سيولتهم بفضل… «التعويم».
وهنا، تنبغي الإشارة إلى أن صناع السوق والخبراء «الحريفة» لديهم أدوات كثيرة يمكن لهم من خلالها توجيه دفة السوق حتى ولو بشكل غير مباشر، ويبدو أن وقتها قد حان ليظل البيت المصري… «عامراً»!
المصدر : الرأي الكويتية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا رأيك